عبد القادر امين
تعتبر الصحافة التربوية من أهم الانشطة الموازية المدرسية التي تساهم في تنمية مهارات القراءة والكتابة الإبداعية والنقدية لدى التلميذ، كما أنها تفتح له آفاقا ليهوى التحرير الصحفي منذ صغره ، وقد يستمر فيها ويتخذها مهنة في المستقبل.
ان الصحافة المدرسية (التربوية) في مؤسساتنا التعليمية لازالت لم تنضج بعد ، فهي لم ترق الى الشكل الذي يجعلها تحتل مكانة مهمة وتثير اهتمام المسؤولين عن القطاع ، على عكس بعض الدول العربية والغربية التي قطعت اشواطا كبيرة في هذا المجال ، وعينت متخصصين في علوم الاعلام من اجل تكوين التلاميذ تكوينا علميا وتعريفهم بجميع الاجناس الصحفية (المقالة-الخبر-التقرير الصحفي-التحقيق....) وايضا انشاء اشكال من المجلات ( الحائطية،المكتوبة،الالكترونية،، المطويات).
ان اغلب المؤسسات ومنذ سنوات تكتفي بالإذاعة المدرسية وغالبا ما يكون التأطير غير ذي جدوى ، مع فتح هامش للمجلات الحائطية
لكن غياب متتبع يكون ذا خبرة في المجال يحول دون تحقيق الاهداف ، فاغلب المؤطرين من المدرسين يتطوعون خارج اوقات عملهم لتأطير التلاميذ في غياب للوسائل والتحفيزات سواء المادية او المعنوية.
ان الصحافة المدرسية وسيلة ناجعة لانفتاح المؤسسة على محيطها ومن خلالها يتعرف التلميذ على وطنه ومجتمعة وتكون الصحافة بالنسبة اليه بوابة لفهم مجتمعه .وذلك بتأطير من الاطر التربوية المهتمين بهذا المجال ،كما تفتح عينيه على متابعة انتظاران المدرس وإبرازها ، ومناقشتها وتقديمها بأسلوبه الخاص بهدف اثارة الانتباه اليها، مما يكسبه كفايات متنوعة تنمي لديه الحس النقدي والرؤية الموضوعية والمحايدة، ومتابعة الاحداث بمجملها وبأدق تفاصيلها.
ان هذا يتم طبعا ضمن عمل جماعي ،مما يساهم في ادماج التلميذ مع زملائه ومربيه وحثه على التعاون وقبول الراي والراي الاخر.
وهذا يستدعي جدية المسؤولين في اصلاح المنظومة التربوية ، وجعل المدرسة فضاء يساهم في التنمية الذاتية لذى التلاميذ وتهييئهم للمستقبل ، مع مشاركتهم الحقيقية في التعبير عن آرائهم بإعطائهم هامش من الحرية ليعبروا عن تصورهم للمدرسة التي يحبونها ، وما يشعرون به اتجاه المنظومة والمناهج الدراسية ، والزمن المدرسي ، وبسط اقتراحاتهم لتجاوز بعض المشاكل المطروحة، دون اشعارهم واقصائهم بحجة انهم قاصرون -علما ان تلامذة الثانوي التأهيلي برهنوا عن مستوى نضجهم في مجموعة من المحطات-.
ان العمل الصحفي عمل يحتاج الى تخصص وخبرة ويكون اكثر صعوبة مع مراعاة البعد التربوي للصحافة المدرسية حتى لا تتناقض مع الاهداف لان ذلك هو الاساس في كل نشاط داخل المؤسسات التعليمية اذ يعتبر نشاطا غير رسمي (لاصفي )، لكنه يحظى بأهمية لأنه يساهم الى جانب الانشطة الصفية في تكوين شخصية التلميذ/المستقبل .
ان الصحافة المدرسية تعتبر مرأة للأنشطة التعليمية والثقافية والفنية بالمدرسة ،ويتحقق التلاؤم بين بين كافة منظومة العمل داخل المؤسسة وتتسع الدائرة لتشمل البيئة والمحيط.
ان النهوض بقطاع التعليم يقتضي برمجة مواد وانشطة تساهم في خلق مناخ تربوي يرتكز على التربية على المواطنة ، وخلق راي عام ايجابي يراعي حقوق الجميع ،ولن يتأتى ذلك الا بتشجيع الاعلام بصفة عامة والصحافة المدرسية بصفة خاصة وهذا يقتضي ما يلي:
* تعيين خريجي الاجازة المهنية في الصحافة بالمؤسسات التعليمية لتأطير التلاميذ والقيام بأنشطة اعلامية صحفية مهنية تتصف بالجودة، على غرار بعض الدول بالمشرق العربي واوربا.
* تجهيز المؤسسات التعليمية بوسائل العمل الديداكتيكية .
* تحفيز المدرسين على التكوين الذاتي لكسب معارف ومهارات في مجال التخصص.
* تخصيص فضاءات ملائمة للأنشطة المزمع القيام بها.
ان اثارة هذا الموضوع قد يبدو في نظر البعض على انه حلم بعيد المنال ، خاصة ان المسؤولين يتعاملون مع الانشطة الموازية ومواد التفتح بقليل من الاهتمام اذ تم اغلاق مركز التكوين الخاص بأساتذة التربية الموسيقية ومركز تكوين اساتذة التربية التشكيلية
وتم تعويضهما بمؤسسة التفتح الفني التي لحد الان لم تر النور بالرغم من الضجة الاعلامية وتواتر المراسلات في شانها .
ان الحلم نابع من الحرقة وقلق الاسئلة عن مصير المدرسة المغربية التي تتوالى الضربات من يوم لآخر عبر خرجات المسؤولين غير المحسوبة العواقب على مستقبل النشء.