يتساءل الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري عالم اللسانيات والخبير الدولي في التخطيط اللغوي ،كيف تعجز المدرسة المغربية عن إكساب المتعلم اللغة العربية على امتداد سنوات عديدة ،في حين يتمكن الطفل من تعلم لغته الأم في ظرف سنتين أو ثلاث سنوات على أكثر تقدير...
هذا التساؤل يجرنا إلى الحديث عن المأزق الذي تعرفه المدرسة المغربية ، خاصة إذا استحضرنا أن تعلم اللغة العربية والتحكم فيها قراءة وكتابة وتعبيرا ، يعتبر من الكفايات الأساسية التي تؤطر الاختيارات البيداغوجية العامة التي جاءت بها الوثائق الوطنية ، الميثاق الوطني للتربية والتكوين نموذجا...،وقبل أن نتحدث عن أهم الأسباب والتفسيرات التي تبرر هذا الواقع المرير،لابد أن نتوقف عند بعض المؤشرات التي خلصت إليها مؤسسات وطنية ودولية حول تحكم المتعلم المغربي في القراءة والكفايات اللغوية ، فحسب تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين لسنة 2008 ف30% فقط من متعلمي المستوى الرابع أساسي يتحكمون في مهارة القراءة والأقسى من ذلك أن فئة ليست بالقليلة تعجز عن قراءة جملة كاملة ....كما أن المغرب احتل المرتبة الأخيرة في مؤشر القراءة PIRLSمن بين 50 دولة مشاركة في الجمعية الدولية للتقويم والتحصيل IAE ،هذا المؤشر يكشف عن القدرات اللغوية المختلفة ن كالقراء السليمة ، فهم النصوص وتحليلها وإعادة صياغتها بأسلوب المتعلم...
يمكن تفسير ضعف التحكم باللغة العربية بأسباب كثيرة منها ماهو نفسي وتربوي واجتماعي واقتصادي :
- البنية التحتية للمؤسسات التعليمية :غياب المكتبات والقاعات المتعددة الوسائط والوسائل الديداكتكية المناسبة وان وجدت لاتستغل على الوجه الأمثل .
- عدم وجود الحافز داخل الأسرة :غياب المكتبة والانترنت والحاسوب عند اغلب الأسر بالإضافة إلى مستوى الدخل المنخفض وانتشار الأمية .
- ضعف التكوين الأساس وغياب التكوين المستمر خاصة مع ولوج أكثر من 30000 ألف إلى ميدان التعليم دون تكوين من خلال التوظيف المباشر.
- غياب وندرة فضاءت حرة للقراءة حيث تتوفر بلادنا على مكتبة لكل 100000نسمةفي ظل عجز يصل إلى 4000حسب منظمة اليونسكو.
بعيدا عن لغة الأرقام الكاشفة لحقيقة يعرفها كل من يدرس اللغة العربية ، فالواقع اليومي الذي نعيشه في الأقسام خاصة بالعالم القروي والمناطق التي تعتبر فيها اللغة العربية لغة ثانية بعد اللغة الأم ،يؤكد أننا نحتاج إلى ثورة تعليمية للرفع من تحكم المتعلمين من لغتهم ، إذ لا يمكن تصور نهضة أمة لا تعمل على تبؤ لغتها المكانة اللائقة .
صالح أبادو