الأربعاء 11 ماي 2016
احتضن فضاء المدرج الثقافي مولاي سليمان فعاليات ندوة علمية نظمتها جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس مكناس بشراكة مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس - مكناس وذلك يوم الأربعاء 11 ماي 2016 في موضوع : "الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية والقانونية" تحت شعار: معا للرد على المناوئين " بمساهمة خيرة من الأساتذة من ذوي الاختصاص في مجالات الفكر والتاريخ والقانون وذلك للحديث حول موضوع الصحراء المغربية الذي يحتل المكانة الأولى ضمن الاستراتيجية الوطنية.
واعتبر الدكتور محمد دالي حدث المسيرة الخضراء الذي أعلن عنها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني أيقونة القرن العشرين، وإن أي حديث حول الصحراء المغربية لا يستقيم إلا بالرجوع إلى هذا الحدث العظيم الذي عايش المغاربة والعالم جميع مراحله وأشار مدير الأكاديمية في كلمته بحضور السيدة والسادة المديرون الإقليميون لكل من مكناس مولاي يعقوب فاس وتازة ورئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس السيد عمر صبحي، ورئيس جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الأكاديمية ، وممثل عن عمدة مدينة فاس وعدد من أساتذة المراكز الجهوية والمعاهد والجامعة ومديرو المؤسسات التعليمية من مختلف الأسلاك وتمثيليات من النسيج المدني والنقابي والإعلامي إلى السياق الذي تندرج فيه أشغال الندوة بدء من تداعيات زيارة الأمين العام الأممي إلى مخيمات تندوف ، وما أثاره جموحه من أقوال وتصريحات مستفزة لمشاعرنا الوطنية . وشدد المدير على تنافي تصريحات الأمين العام الأممي مع الأدوار التي يجب أن يضطلع وعلى رأسها مبدأ الحياد .
وأوضح أن هذه التصريحات ألهبت حافظة الشعب المغربي وكانت وراء تأثيث مليونية مسيرة الرباط . وأضاف أن تلقائية الحدث اعتبر بشهادة محللين ومهتمين من مختلف المنابر الإعلامية الوطنية والدولية ردا حضاريا على كل المتطاولين وجعلت العديد من الدول تصطف إلى جانب مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب في إطار الديمقراطية الحداثة والجهوية المتقدمة ،كأقصى ما يمكن تقديمه للدفع بمسلسل التفاوض وطي النزاع المفتعل من طرف خصوم وحدتنا الترابية
كلمة رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله وصديقة كاوكاو باسم جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الأكاديمية، وكلمة حسن محب نائب العمدة صبت بدورها في نفس الاتجاه ،حيث اعتبروا قضية الوحدة الترابية قضية الجميع، واكدوا تقاطع أهدافهم النبيلة المتمثلة في تشكيل ملامح ومواصفات مواطن الغد وتربيته على القيم والثوابت ومرتكزات الأمة .وتطرقوا إلى ما أثاره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من أقوال وتصريحات مستفزة لكونها تتنافى مع الأدوار التي يجب أن يضطلع بها ، ودعوا الجميع إلى الوقوف خلف القضية الوطنية لمواجهة أعداء الوحدة الترابية، و مقاربة القضية الوطنية مقاربة جديدة ، تجعلنا في مقام ومكان التحديات الكبرى، وأجمع المتدخلون على ضرورة التشبث بالمقدسات الوطنية أكثر من أي وقت مضى، وإرساء منظومة القيم والأخلاق، كما تم تطرق كل من موقعه إلى الدور المنوط به لخدمة قضايا الوطن من برامج و أنشطة تساهم في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد ،وكذا تأدية دوره الوطني المتمثل في تأهيل وصناعة أجيال الغد.
وافتتحت ذ: ماجدة كريمي أستاذة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس- سايس المداخلات العلمية بعرض تحت عنوان : الحكم الذاتي بالصحراء المغربية "أي مآل في ضوء الأزمنة المغربية الأممية؟ " وتطرقت إلى المناورات التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة للنيل من الوحدة الترابية، وأشارت إلى أن ملف الصحراء في الآونة الأخيرة عرف قفزة نوعية ،حيث انتقل من موقف الدفاع والرد ، إلى اتخاذ القرارات القوية، أو ما يسمى بالهجوم الاستباقي ، مبرزة أن المضايقات التي يتعرض لها المقترح المغربي لم تزد المغاربة إلا تشبتا به . واستعرضت الدكتورة كريمي ثلاث دعامات أساسية لمصداقية الحكم الذاتي : / الحق والسند التاريخي 2/ قوة الجبهة الداخلية 3/ دعم الجبهة الخارجية المتزايد في الآونة الأخيرة. مشددة على ضرورة تفعيل الديبلوماسية الخارجية كآلية لكسب المعركة بين المغرب وأعداء الوحدة الترابية، وتنشيط الدبلوماسية في أفق البحث عن شركاء جدد لتعزيز موقف المغرب الثابت والشرعي من قضيته الوطنية.
الدكتورة كريمي رئيسة لمركز الدراسات والأبحاث "الصحراء المغربية : التنمية الجهوية والامتداد الإفريقي" ركزت في مداخلتها على عديد الصلاة الثقافية والاجتماعية والتاريخية التي ربطت إفريقيا وجنوب الصحراء خاصة الأقاليم الجنوبية والمغرب عبر مختلف الحق التاريخية الوسيطة والمحدثة والمعاصرة.
من جهته تطرق د. أحمد سالم لطافي عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية إلى " الوحدة الترابية والأمم المتحدة " وذلك من خلال مسار علاقة الأمم المتحدة بالقضية الوطنية وعلاقة المغرب ووحدته الترابية بالأمم المتحدة، موضحا جذور هذه العلاقة منذ القرن 19، كما عرج على مراحل تحرير المغرب ومحطات المقاومة ومنها المقاومة في الأقاليم الجنوبية ، مستعرضا آليات المغرب السياسية والدمقراطية والتنموية للدفاع عن قضيته وتطورها انطلاقا من المسيرة الخضراء، وأنهى مداخلته بالحديث عن مهمة المينورسو ومشروع الحكم الذاتي ومراحله وتطوره
أما د . سمير بوزويتة أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس- سايس تمحورت مداخلته حول " مغرب الصحراء والذات الانطولوجية للوطن"، ابتدأ عرضه بربط مداخلته بكتابه الذي في طور النشر ، وأوصى بتعليم هذا الكتاب لأهميته والذي اعتبره بدوره ردا على الأطروحات الكاذبة لخصوم الوحدة الترابية للمملكة ، الذين يحاولون برأيه نسف الروابط الجغرافية والتاريخية بين المغرب وصحرائه، فقدم مجموعة نصوص ورسائل جوابية لبيعة أهل الصحراء لسلاطين وملوك الدولة المغربية. واستعرض مؤلف كتاب "تجارة العظام البشرية خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين"، الذي صدر أخيرا عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس."قراءة في مضامين الوثائق التاريخية ذات الصلة بقضية وحدتنا الترابية الراسخة في صلب الوعي الوطني الى درجة أن دلالاتها أصبحت جذورها راسخة في عمق التفكير المغربي. وسلط الدكتور سمير بوزويتة الضوء على بعض الأحداث التاريخية التي عاشتها أقاليم المغرب الجنوبية ، مركزا على الأطماع الاستعمارية والمواقف الوحدوية التي طبعت مختلف المراحل التاريخية سياسيا واجتماعيا ..
وتناول ذ. ناصر متيوي المشكوري، أستاذ بكلية الحقوق ظهر المهراز فاس مداخلة بعنوان " الصحراء المغربية بين الشرعية وتذبذب في المواقف" مؤكدا على أن القضية الوطنية هي قضية أمة وأنها قضية المغاربة رغم كيد الكائدين، لكنه قدم رؤية نقدية على عكس باقي المتدخلين ، وقال إن الديبلوماسية المغربية غير فاعلة بالشكل المطلوب وأضاف " إن بعض الديبلوماسيين نائمون ولا يحركون ساكنا في بعض الدول، ويتقاضون أجورا ضخمة. وأشار إلى أن هناك كذلك قصور في الجانب التعليمي، بحيث لا يتم السهر على الجيل الصاعد بتعريفه بقضية صحرائه عن طريق مسرحيات وأفلام وثائقية في المؤسسات التعليمية فقط ... وحث على ضرورة تغيير الكيفية والاستراتيجية التي نتعامل بها مع مشكل الصحراء. ودعا إلى عقد ندوات مع جهات وأطراف أجنبية كي لا تقتصر بيننا فقط كمغاربة، حتى نطلع الجهات الخارجية على وجهة نظرنا بكيفية عقلانية ، ونضعهم أمام كافة الحقائق التي من شأنها أن تخدم القضية الوطنية، وأوصى بأن يكون هنام امتداد وتواصل بشأن لمضمون هذه الندوة العلمية الهامة من طرف المتدخلين والمشاركين.
إلى ذلك أجمع المتدخلون إلى إن التصريح الذي أدلى به بان كيمون عقب زيارته الأخيرة إلى المنطقة، وقبيل رفعه تقريرا لمجلس الأمن الدولي، وما خلفه من ردود فعل رسمية و شعبية قوية، وسجلوا عدم ملاءمته مع الوضع السياسيى الراهن وأنه وغير مسبوق في تاريخ النزاع، ومخالف تماما لقرارات مجلس الأمن، وانزلاق لفظي خطير " وقد برز هذا خاصة في النقاشات والتفاعلات التي عرفتها مواقع التواصل الاجتماعي إبان خروج التصريح.
وأكدوا أن تصريح الأمين العام للأمم المتحدة جعله يتحول من وسيط أممي مسؤول عن البحث لحل النزاع إلى طرف فيه، بل أكثر من ذلك تبنى من خلاله موقف خصوم وحدتنا الترابية .وهو انزياح اعتبره المحاضرون خطأ ديبلوماسيا قد يعرقل الجهود المبذولة لحل هذا النزاع الذي دام زهاء أربعين عاما ، خاصة وأن المغرب كان قد قدم مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، والذي اعتبرته الأمم المتحدة ومجموعة من القوى الدولية الأخرى حلا واقعيا لطي الملف، خاصة وأن هناك مجموعة من المصالح السياسية والاقتصادية التي تجمع الأطراف بالمنطقة ،
وخلصت الندوة إلى حقيقة أساسية مفادها أن " التفكير ومن أي جهة كانت، سواء كانت إقليمية أو دولية أو أممية، في أي حل خارج عن نطاق السيادة المغربية، قد يدخل المنطقة في متاهات غير محسوبة، خاصة وأن منطقة الساحل والصحراء تعرف تحديات أمنية خطيرة، تتمثل في انتشار التنظيمات الإرهابية، وبالتالي فهناك ضرورة البحث عن الحفاظ على سيادة الدول على أراضيها، وتحقيق التنسيق الأمني للحفاظ على استقرار المنطقة برمتها، عوض خلق نعرات انفصالية، ومن طرف مسؤولين أمميين من المفترض فيهم على الأقل لزوم موقف الحياد ..!!"
وكان الدكتور عبد الإله العماري رئيس جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الأكاديمية ، قد قدم للندوة العلمية ويسر فقراتها، بمشاركة المجموعة الصوتية التابعة لإعدادية عمر الخيام بقيادة ذ : عادل لشهب في أداء ملحمي للنشيد الوطني وقسم المسيرة الخضراء ، معربا عن شكره لمدير الأكاديمية و للنخبة العلمية المساهمة في الندوة ، و الجمهور النوعي الذي حرص على الحضور ومتابعة فعالياتها .
عزيز باكوش
مكلف بالتغطية الصحفية للأنشطة الخاصة بالاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة فاس مكناس