عبد الرزاق القاروني
نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش- آسفي، يوم الخميس 30 أكتوبر 2025 بمركز الندوات، التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش، لقاء جهويا لتقاسم دلائل البحوث التربوية، في مجال التربية الدامجة.
ويندرج تنظيم هذا الملتقى، في إطار تعزيز التوجه الإستراتيجي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الرامي إلى الارتقاء بالبحث العلمي، في المجال التربوي، باعتباره آلية هامة للنهوض بالتربية والتكوين، وأداة أساسية لتجديد وتجويد المقاربات والممارسات التكوينية والبيداغوجية، ووسيلة فعالة لتطوير الأداء والارتقاء بالممارسة المهنية لمختلف الفاعلين في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وكذا من أجل استثمار نتائج البحث التربوي، في إطار التربية الدامجة.
وفي مستهل هذا الملتقى، ألقت لبنى أبو النعائم، رئيسة المركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي بالأكاديمية، كلمة باسم هذه المؤسسة، أكدت من خلالها أن الأكاديمية تعتبر أول أكاديمية، على الصعيد الوطني، تنتج هذا الزخم من الدلائل، في مجال التربية الدامجة، التي تأتي في إطار تفعيل البحث العلمي، الذي يعتبر ركيزة أساسية للتقدم في مختلف المجالات، مشيرة أن الوزارة منخرطة، بشكل فعال، في هذا الورش التربوي الهام، عبر خارطة الطريق 2022-2026، وخصوصا البرنامج 13 المتعلق بالتربية الدامجة، والذي تروم الأكاديمية، من خلاله تأهيل قاعات الموارد للتأهيل والدعم بالجهة، وتجهيزها بوسائل تعليمية مكيفة، وتوفير الولوجيات وتأهيل المرافق الصحية، وتكييف الامتحانات الإشهادية والمراقبة المستمرة للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقوية قدرات وكفايات مختلف المتدخلين الإداريين والتربويين، في هذا الشأن، إضافة إلى إدماج محاربة التمثلات السلبية والصور النمطية عن الإعاقة في التربية الدامجة.
وبدوره، تناول الكلمة عبد الجبار كريمي، مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة مراكش- آسفي، مبرزا أن المركز يشتغل على ورش التربية الدامجة، منذ سنوات، خاصة في عدة التكوين المتعلقة بأطر الإدارة التربوية، ومشيرا أنه، في إطار تحيين هذه العدة، سيتم إدماجها في سلك تأهيل أطر أخرى، من بينها: أطر التدريس والأطر المختصة.
ثم تحدث عن بعض النماذج والتجارب الناجحة، في مجال الإعاقة، خصوصا ضمن فئة المكفوفين، التي شقت طريقها بنجاح في الحياة الدراسية والعملية، منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي، مما يؤشر على أن الإنسان المتسلح بإرادة قوية يمكنه أن يتجاوز مجموعة من العقبات، مشيرا أن باب مؤسسته مفتوح دائما للعمل، جنبا إلى جنب، من أجل الإبداع، والاشتغال والبحث في مواضيع آنية، مثل محاور هذا اللقاء.
ومن جهته، أكد محمد إعليون، مكلف بتدبير مصلحة الشؤون القانونية والشراكة بالأكاديمية، في كلمته بالمناسبة، أن أي عمل، كيفما كان نوعه، إلا ويحتاج لترسانة قانونية لتنزيله، خصوصا في إطار دولة المؤسسات أو العمل المؤسساتي، مشيرا أن المقاربة القانونية لا تكفي لوحدها، ما يستدعي انخراط جميع الشركاء، في هذا الشأن، وعلى الخصوص الأسرة، مع ضرورة الرقي في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال اعتماد طريقة متكافئة. كما أبرز أنه لا يمكن التنزيل الأمثل لأي عمل، دون توفر الإمكانيات البشرية والمادية، وكذا الجانب الإجرائي لذلك.
أما كلمة الدكتورة سامية برادة، مديرة مركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية بجامعة القاضي عياض، فأوضحت أن التربية الدامجة تعتبر شأن الجميع، وأننا نتوفر على النصوص اللازمة لتنزيل هذا الصنف من التربية، لكن هناك بون شاسع بين النصوص والتفعيل، منوهة بالأداء الرائد للأكاديمية، في هذا المجال، ومعربة عن استعداد المؤسسة التي تعمل ضمنها للتأطير، وتقويم أداء العاملين، في مجال التربية الدامجة، علاوة على القيام ببحوث علمية، وفق الحاجة، من خلال قناة الطلبة الدكاترة، وداعية إلى القطع مع المقاربة الإحسانية في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، مع الحرص على اعتماد مقاربة حقوقية، في الموضوع.
وبالنسبة للعرض التأطيري لرجاء حصانة، ممثلة اللجنة الجهوية المشرفة على مراجعة الدلائل، فقد أبرز أن هذه الأعمال التربوية تشكل ثمرة جهود جبارة قامت بها أستاذات قاعات الموارد للتأهيل والدعم، تحت إشراف مجموعة من المفتشين التربويين، على صعيد الأكاديمية، مشيدا بالحس المهني العالي، والوعي العميق للجميع بأهمية التربية الدامجة في تجسيد مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص.
كما أكد أن اعتماد هذه الدلائل كمراجع وطنية سيشكل لحظة مفصلية في مسار التربية الدامجة ببلادنا، عل اعتبار أن هذه الوثائق ليست نظرية، بل هي أدوات اشتغال ميدانية ستواكب عمل المشتغلين في قاعات الموارد، وستمنحهم إطارا منهجيا واضحا للعمل، في هذا المجال.
إثر ذلك، تم تقديم وعرض الدلائل والبحوث المنجزة، في هذا الميدان، والتي تناولت المواضيع والقضايا التالية: من القيم إلى التطبيق، دليلك الشامل داخل قاعة الموارد للتأهيل والدعم، ودليل التربية الدامجة، ودليل أنشطة قاعات الموارد للتأهيل والدعم، ودليل التقويم التشخيصي للموضعة والتتبع، لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة، وبنك المعطيات، ودور منهج منتيسوري في اكتساب التعلمات الرياضية لدى المتعلمين ذوي صعوبات التعلم، وعسر الكتابة وعلاجه، وفق ذات المنهج، علاوة على خطوة نور، كراسات الكتابة والقراءة والحروف والأرقام.
وفي الختام، وأثناء المناقشة، تم طرح مجموعة من التساؤلات والاستفسارات، وتقديم بعض المقترحات والتوصيات، التي تروم النهوض بقضايا التربية الدامجة، على الصعيد الوطني. كما تم توزيع شواهد تقدير على الفاعلين والمتدخلين في هذا الورش التربوي الهام، على صعيد الجهة، تثمينا للمجهودات الجبارة، التي ما فتئوا يقومون بها، وتحفيزا لهم للمزيد من البذل والعطاء، في هذا المجال.







