ــ بقلم نورالدين الطويليع
تذكر سيدي، وأنت تهوي بقبضتك على وجه رجل لا حول له ولا قوة، وترفع رجلك في الهواء لتقذف بها جسدا مكوما ملقى على الأرض ، أنك ضللت الطريق، وابتعدت عما أراده منك رؤساؤك حينما عينوك في هذا المنصب لتجسد حقيقة المفهوم الجديد للسلطة، الذي يجب عليك أن تتمثله بما ينحو بك إلى السلوك المواطن والمعاملة اللبقة والاحتضان الحنون والإنساني لإخوانك في الوطنية على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم.
لقد هوت بك سيدي لكمتك إلى قعر سحيق أبعدك كثيرا عن سطح التعامل العقلاني المتزن، بما جعلنا لا نستسيغ هذا الاندحار لرجل سلطة يفترض فيه أن يحافظ على توازنه العصبي، وعلى هيبته ووقاره الذين يفرض عليه منصبه التحلي بهما، مهما كانت الأحوال والظروف.
ماذا لو وقعت في ذات الخلاف مع أحد رؤسائك، أكنت ستجرؤ على اقتراف ما اقترفته في حق هذا الأعزل؟، أخشى سيدي أن تنطبق عليك قولة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ما تطاول أحد على من هو دونه، إلا بقدر ما تصاغر على من هو دونه".
كنت أنتظر منك سيدي أن تذخر لكمتك، وتترجمها إلى لكمة تدبيرية قاضية لما يعم مدينة الشماعية من فساد وتسيب وانفلات يجعل المجرمين يستضبعون على المواطنين ويزرعون في نفوسهم الخوف والرعب والهلع من خلال تصرفات أنت تعرفها حق المعرفة، تدخل في سياق : فكان ما كان مما لست أذكره.... فظن شرا ولا تسأل عن الخبر.
كنا فيما سبق نسمع عن جرائم ترتكب في منطقك في حق رجال تعليم من لدن أناس لا خلاق لهم، وكنا نراهن على ضميركم ونخوتكم لإماطة العار عن طريقهم، والتجند لتوفير الأمن والطمأنينة لفئة لولاها لما تبوأت المنصب الذي تشغله، اعترافا بالجميل، وإقرارا بالفضل، وتأدية لدين في رقبتك تجاه من علموك ما لم تكن تعلم، وسلحوك بقلم بوأك منزلة ربما كنت ستكون دونها بكثير لو أنهم أهملوك وانشغلوا عنك، وتركوك قائما في دياجير ليل الأمية البهيم.
كان عليك، سيدي، أن تستحضر هذا الطود العظيم من الفضل قبل أن تقدم على ما أقدمت عليه من اعتداء نزل نارا محرقة على نفوس ممتهني مهنة المتاعب، وأقض مضاجعهم وبث فيهم ألما، وحفر في نفوسهم جرحا غائرا تطور إلى نزيف نرجسي أفقدهم الثقة بأنفسهم، وأشكل عليهم أمرهم، ليتساءلوا هل هم رجال تربية يستحقون التبجيل والاحترام، أم أنهم مجرمون لا يلائمهم إلى الصفع على القفا والركل على المؤخرة؟
صدقني، سيدي، لقد كنست، وأن تقدم على ما أقدمت عليك، كرامة كل رجال التعليم، وأجهزت عليها في لمح البصر، بلكمة لواحة للأمل في واقع وغد أفضل، لم تبق ولم تذر، لتقول لهم أنتم هاهنا سائرون إلى مستقر الذل والإهانة.
أرجو من صميم قلبي أن يكون هذا الحادث معزولا واستثناء، وألا يجسد واقع نظرتك لرجل التعليم، وأرجو أن تكفر عما وقع بإجراءات وقرارات مواطنة لصالح رجال التربية وعموم المواطنين، وحينئذ سيقول لك الجميع " سامحك الله".