حوار مع المؤلف المسرحي والمُخرج الدكتور المداني عدادي حول دور أندية المسرح والسينما في تكوين وتربية المتعلم: "من السهل أن تسحب الحصان إلى النهر، لكن من المستحيل أن تجبره على الشرب"
حاوره سعيد الشقروني
سؤال: أمامي الآن الأستاذ الدكتور المداني عدادي، أديب وشاعر ومؤلف مسرحي وكاتب سيناريو، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ورئيس نادي المسرح والسينما بتازة، ومخرج العديد من المسرحيات والأفلام التربوية، أحاور أيضا في المداني عدادي، الشاعر والروائي والقاص صاحب ديوان "الحمم" 1992 و"أبراج الروح"2003، ورواية "بريد من ذاكرة المنفى" 1997، والمجموعة القصصية "تفكهات تعليمية "2007، ومسرحية "درع الأمير"، ومُؤَلَف تعليمي حول "أبجديات الصناعة السينماتوغرافية" 2014، والحاصل على العديد من الجوائز والتنويهات وهلم ثقافة.. مُحَاوري العزيز مرحبا بك..
جواب: العفو أستاذ سعيد، وأغتنم الفرصة لأشكر أيضا تربويات على مواكبتها العالمة للمشهد التعليمي والتربوي.
سؤال: احترت في الطرق المؤدية إليك، لكني سأختار هذا السؤال السهل والصعب في الآن نفسه، المتعلق بإحدى الإطارات الأساسية الحاضنة لاشتغالكم الثقافي والفني أقصد "نادي المسرح والسينما"، هل لكم أستاذي أن تضعوا القارئ في الصورة العامة لاهتماماتكم؟
جواب: نادي المسرح والسينما جمعية فنية ثقافية تأسست منذ سنة 2011 بتازة، وضمت العديد من الفنانين والمهتمين بالحقل الفني والثقافي، حيث انخرط النادي منذ البداية في تأسيس حركة سينمائية بالمدينة، حيث أنتج النادي وأخرج العديد من الأفلام التربوية التي شارك بها في العديد من المهرجانات الوطنية؛ كما عمل النادي على تنظيم العديد من ورشات التكوين في مجال السينما استفاد منها العديد من الشباب الذين ينتجون الآن مجموعة من الأفلام القصيرة، دون أن أنسى الإشارة إلى أن النادي ينظم سَنَوَيا المهرجان الوطني لسينما الهواء الطلق، وهو الآن في دورته الرابعة، كما أنه عضو في الجامعة الوطنية للأندية السينمائية.
سؤال: أكيد أنكم قدمتم خدمات جليلة للمشهد الفني والتربوي في تازة بشكل يجعلني أتساءل عن راهن تجربتكم في الإقليم؟
جواب: تجربة النادي في الإقليم تتمثل في تأسيس وإرساء الفعل السينمائي بالإقليم، وخلق حركية سينمائية بين صفوف الشباب من أجل النهوض بهذا القطاع، وبحمد لله تمَّ تأطير وتكوين العديد منهم، وهم الآن يخوضون تجربة السينما من خلال إنجاز أفلام قصيرة هادفة؛ مع العلم بأن النادي خلق فرجة جماعية للجمهور من خلال تنظيم مهرجانه الوطني السنوي تحت مُسمّى "مهرجان سينما الهواء الطلق" الذي تُعرض خلاله العديد من الأفلام التربوية في فضاءات مفتوحة كلّ صيف، حيث تستفيد الأسر والعائلات من هذه العروض وهي تجلس بالحدائق العمومية.
ولتسمح لي أستاذ سعيد أن أذكر من خلالكم المتتبع، لأقول إن النادي منذ تأسيسه إلى الآن، أنتج النادي العديد من الأفلام التربوية القصيرة والمتوسطة، منها:
ــ فيلم: "أبي أنت السبب"
ــ فيلم:"الوميض القاتل"
ــ فيلم:"المحفظة السوداء"
ــ فيلم: "أرصفة الضياع"
سؤال: على ذكر هذه الإنتاجات السينمائية الغزيرة، كيف تتصورون دور للسينما والمسرح في تربية وتكوين شخصية التلميذ والطالب؟
جواب: أشكرك على هذا السؤال، هو دور جدّ فعال وخطير، لقد اكتشفنا من خلال تجربتنا المتواضعة بأن فَنَيْ المسرح والسينما لهما وقع السحر على نفسية المتعلم، بل واكتشفنا بأن تلاميذ في وضعية صعبة، أو في حالة نفسية معقدة تمّ انتشالهم من وضعياتهم هذه بفضل المسرح أو السينما، إما ممارسة أو تلقيا؛ في هذا الإطار أفضل أن يكون المتعلم ممارسا من خلال إدماجه في إنتاج الفرجة سواء كانت مسرحية أم سينمائية، لأن هذا الفعل كفيل بتغيير وضعيته الصعبة، وتحويله من حال إلى حال. الأكثر من ذلك، لاحظنا مدى قوة تأثير التمثيل أو تقمص بعض الأدوار على نفسية المتعلم، وكيف ينقله ذلك من حالة كسل وانطواء إلى حالة اندماج واجتهاد، ومثل هذا الفعل وهذا التحول لا يحققهما سوى الفنّ، لهذا أنصح به فهو دواء سيكولوجي مجرّب.
وفي اعتقادي إن إغفال مثل هذه الوسائل البيداغوجية من المنظومة التربوية الحالية،
أفرغ الفعل التربوي من محتواه، وجعله جافا غير قابل للهضم وبالأحرى للابتلاع من لدن المتلقين، لأنه ينقصه الدسم والرواء؛ كما أن تغييب الأنشطة الموازية من برامجنا التعليمية من مسرح وسينما وتصوير ورسم وأعمال يدوية وبستنة أزرى بالتعليم، وكان الضربة القاضية بالنسبة له، حتى بتنا نرى المتعلم ينفر من الدراسة ومن المؤسسات التعليمة، بل ويعدّها سجنا قسريا هو مجبر على ولوجه كل يوم دون تجاوب ولا انسجام ولا علاقة حميمية تربطه بمعطياته النظرية أو التطبيقية.. ولذلك قيل: "من السهل أن تسحب الحصان إلى النهر لكن من المستحيل أن تجبره على الشرب"، وكذلك حال أبنائنا في علاقتهم بالمؤسسات التعليمية وللأسف.
سؤال: أكيد أن شهية ناديكم وشهيتكم الإبداعية لا زالت مفتوحة، هل لكم أن تطلعوا القارئ على مشاريعكم المستقبلية؟
جواب: مشاريعنا المستقبلية بحول الله هي جملة من ورشات التكوين سننظمها بحول الله بشراكة مع المديرية الإقليمية للتربية والتكوين في ميادين فنية شتى؛ منها:
ــ تقنيات كتابة السيناريو
ــ تقنيات التصوير السينمائي
ــ تقنيات الإخراج
ــ تقنيات التوضيب (المونطاج)
ــ تقنيات الفوتوشوب.
على أمل أن يستفيد منها المتعلمون في سلكي الإعدادي والثانوي كي ينجزوا أفلام قصيرة للمشاركة بها في مهرجان إقليمي خاص بفيلم التلميذ.
هذا على مستوى التأطير، أما على مستوى الممارسة، فسنشرع قريبا بحول الله في تصوير شريط طويل بعنوان: "طائر الوروار"، وهو عبارة عن دراما وثائقية عن حياة الفنان الكبير "أحمد قرفلة" من مدينة تازة، وهو فنان فطري عانق العالمية من خلال أعماله الكثيرة التي ارتبطت خصوصا بحياة البادية وبالبيئة والمحيط.
سؤال: أستاذ المداني عدادي، سعيد حقا بهذا السفر السندبادي معكم في أجوار التربية على المسرح والسينما والفن عموما، وأتمنى لكم ولناديكم مسارا ثقافيا ومعرفيا وفنيا موفقا..
جواب: بدوري أجدد شكري لتربويات على اهتمامها بالشأن التربوي والتعليمي والفني، وعلى حرصها الجاد على المواكبة..دام لكم التألق.