في كل بداية سنة دراسية تتحرك طاحونة المذكرات التي تجتر مخلفات السنوات الماضية دون ان يكلف المسؤولون عناء تحيينها لتساير الأهداف المسطرة من أجل تعليم حداثي يراعي كل الشروط القادرة على تجاوز أخطاء الماضي مذكرة صادرة منذ2003 ومرسوم صادر في سنة2001 وبالرغم من النتائج السلبية الناتجة عن تحمل المدرسة في وضعيتها الحالية ظاهرة الهدر المدرسي، يتبين ومع الأسف، وكأن الامر يعدو مقصودا من أجل إرهاق المتدخلين وثنيهم عن الإبداع والتفكير في أمور تعود بالنفع على المدرسة العمومية وعلى اهم عنصر فيها وهو التلميذ، محور كل العمليات.
إن مطالب معظم رؤساء المؤسسات التعليمية ومعهم باقي الأطر الإدارية والتربوية هو إعادة النظر في المرسوم المشؤوم الذي يحدد سنوات التمدرس المسموح بها لكل تلميذ بجميع الأسلاك التعليمية مع مراعاة إلزامية التعليم ومواكبتها للمرحلة العمرية للتلميذ، بدل أن نعطي مبررا قانونيا لمجالس الاقسام لفصل التلاميذ حسب المرسوم الذي لايسمح للتلميذ بالاستفادة إلا من سنة احتياطية واحدة في الإعدادي كمثال مع عدم السماح بالتثليث إلا في السنة الإشهادية، هذا المرسوم هو في واقع الحال يبقى شكليا يعمل به في نهاية السنة اثناء انعقاد مجالس الاقسام. ويعتبر إلزاميا في تطبيقه بالرغم من المعرفة المسبقة على أن هناك مذكرة 118 يتم تحيينها كل بداية دخول مدرسي جديد تلزم المؤسسات التعليمية بإرجاع المفصولين.
إن هذه العملية تحير العاملين في الميدان كيف نبقي على المرسوم الذي يحدد شروط الفصل ثم نلغيه في بداية السنة، وفي هذا الصدد تتبادر إلى الذهن مجموعة من الاسئلة:
ماهي أبعاد المرسوم تربويا واجتماعيا مادام التكرار ناتج عن تردي أوضاع التعليم وأن التلميذ أحيانا لايتحمل مسؤولية نتائجه بل السياسة التعليمية ، والبرامج التي لاتراعي ميولاته ؟
كيف لايتم معالجة المرسوم بالرغم من النداءات المتكررة التي لاترى فيه سوى ضياعا للجهد وخلقا للتوترات والاحتقانات أحيانا داخل المؤسسات التعليمية بين الإدارة التربوية والاطر التربوية التي ترى على أنها لاتقوم بأي دور تربوي حقيقي بمجالس الأقسام ويتم تجاوزه بالمذكرات وبالمراسيم التي تتناقض في رؤيتها وتصوراتها مع الواقع؟
إن مذكرة إعادة التمدرس لاتعدو أن تكون دعاية وديماغوجية على أساس أن المسؤولين يهتمون بالتلميذ ويريدون المحافظة عليه داخل المنظومة كما هو وارد في تصريح النصوص، متجاهلين إمكانية إعادة النظر في العملية في شموليتها وفي سياق إصلاح المنظومة التي ببرامجها ومناهجها الحالية تلقي بعدد لايستهان به إلى الشارع دون أن تكون لها أي رؤية لوضعيتهم بعد مغادرة المدرسة، وحتى آمالهم في التكوين المهني تتبخر بسبب مساطر الولوج إليه التي لاتقبل إلا المتفوقين.
إن هذه العملية تجعل مديري المؤسسات التعليمية بين نارين أولهما، رغبة الأطر التربوية بصفتهم أعضاء المجالس والذين يدافعون عن حقهم بشراسة من أجل أن يكون للمجالس دور في اتخاد قرارات تربوية وتنظيمية وعلى أن عملية الفصل من الواجب ان تنبني على معطيات موضوعية، كذلك السماح بإعادة التمدرس الذي يحتاج إلى أعداد تصور وتوفير شروط حقيقية من قبيل البنيات التحتية وإعداد برامج خاصة بإدماج هؤلاء التلاميذ وتكوين الأساتذة تكوينا خاصا، يجعلهم مسلحين بأدوات بيداغوجية واجتماعية قادرة على احتوائهم ويتم تتبع أعمالهم وتقيمها بعد النتائج..
وثانيهما رغبة المسؤولين الذين يرون في عملية إعادة التمدرس هاجسا أمنيا فقط، وعدم ترك التلاميذ في الشارع واعتبار المدرسة فضاء يستوعب الجميع، وهي إملاءات همها هو اللحظة الآنية دون أي نظرة مستقبلية.
إن المذكرة التي تدعو الى السماح للتلاميذ تدعو بكل صراحة إلى ضرورة السماح للتلاميذ الذين لم يتجاوزوا 18سنة بالرجوع دون مناقشة، دون التمييز بين الأسلاك التعليمية وبين إلزامية التعليم المحددة في16سنة، بينما فوق18سنة تحدد معايير تراعى فيها الظروف الاجتماعية والصحية للتلاميذ.
وهذا يجعل دور مجالس الاقسام مجرد إجراء شكلي، لأن عندما نحدد 18 سنة دون تحديد السلك نعقد مسؤولية رؤساء مجالس الاقسام في تدبير عملية إعادة التمدرس، ولأن بعض التلاميذ في هذا السن يتواجدون بالأولى إعدادي مما يطرح إشكال تباعد السن بين التلاميذ في المستوى الواحد. كما أن الادارة ترى أن المخاطب الوحيد في العملية هو المدير، في حين أن أعضاء المجالس يتساءلون عن دورهم إن كان الأمر محسوما مسبقا ولايعدو مجرد تنفيذ لمضامين مذكرات مؤطرة للعملية في مجملها.
عبد القادر امين