وبهذه المناسبة، ألقى السيد محمد يتيم، عضو المجلس، كلمة، باسم هذه الهيئة، رحب من خلالها بجميع المشاركات والمشاركين في أشغال هذا اللقاء الجهوي، الذي تحتضنه مدينة مراكش بكل ما تحمله هذه المدينة من حمولة تاريخية وعلمية وجمالية وطرافة، والتي تفتح الشهية للتناظر والحوار والنقاش والإبداع.
وأشار أن هذا الملتقى الجهوي يندرج في إطار حوار وطني جاد ومسؤول، هدفه الأساس حشد الاجتهاد الجماعي، والإسهام المشترك في استكشاف السبل الكفيلة بتأهيل المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، مضيفا أن تنظيم هذه السلسلة من الحوارات الجهوية عبر مجموع تراب المملكة، يشكل محطة حاسمة من محطات البرنامج المرحلي لعمل المجلس، الذي سيتوج ببلورة التقرير الإستراتيجي المزمع إنجازه من طرف المجلس، والذي سيقدم رافعات التغيير اللازمة لتأهيل المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، ومبرزا أن هذا الحوار الجهوي يشكل، بحق، فرصة ثمينة لاستخلاص مقترحات وتوصيات صفوة من كفاءات وفعاليات هذه الجهة.
ثم أوضح أن المجلس، ومواصلة منه لدينامية الحوار والإشراك الموسع للمواطنات والمواطنين والفاعلين والمعنيين بقضايا المدرسة المغربية، قد فتح منتدى للتواصل على موقعه الإلكتروني، يمكن للجميع التفاعل معه من خلال الأسئلة التي يطرحها، والتي تتوجه، أساسا، إلى تيسير إسهام الجميع في استشراف آفاق هذه المنظومة، وتجميع مختلف الآراء والاقتراحات في هذا الشأن، واستثمارها على الوجه الأمثل في الأعمال التحضيرية للتقرير الإستراتيجي للمجلس، مؤكدا على أن المجلس لا يتوفر على وصفة جاهزة للإصلاح، بقدر ما يقترح أسئلة ومحاور للتفكير، لأن مبدأ اقتناعه ومنتهاه هو إعداد خارطة طريق للإصلاح مع الحضور وبمشاركتهم، إصلاح تربوي يسهم الجميع في بنائه وننخرط جميعا في تطبيقه، وفي التتبع اليقظ لتفعيله وإنجاحه، من أجل مغرب المواطنة والديمقراطية، والحق في التعليم والمعرفة والجودة للجميع.
وبدورها، قدمت السيدة الكبيرة التاجي، عضو المجلس، عرضا حول بعض عناصر التشخيص للمنظومة التربوية، والتي تشكل منطلقا أساسيا لتقييم هذه المنظومة، من خلال حفز واستثمار الذكاء الجماعي، واعتماد المقاربة التشاركية لرفع التحديات وكسب الرهانات المستقبلية المطروحة، واستكشاف السبل الكفيلة بإصلاح منظومتنا التربوية والنهوض بها.
وفي هذا الإطار، تطرقت السيدة التاجي إلى مرجعيات التقييم، والمكتسبات وأبرز المعيقات بالمنظومة، وتعميم التعليم وتعبئة الموارد، وحالة بعض مخرجات التعليم وأداء المنظومة، والحكامة والتعبئة، إضافة إلى استنتاجات تهم المكتسبات التي يجب تعزيزها، وبؤر التعثر التي ينبغي المساءلة بخصوصها.
ومن جهتها، تدخلت السيدة التيجانية فرتات، عضو المجلس، في موضوع: "الخطوط العريضة للمخطط الإستراتيجي"، مقدمة بعض المحاور المقترحة للنقاش والتشاور، والتي لا تعتبر حلولا أو توجيهات أو خيارات جاهزة، وإنما ينبغي اعتبارها مجرد مشروع أرضية قابلة للإغناء والتوسيع والتغيير، كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
ثم قدمت مجالات استشراف آفاق تأهيل المنظومة، والتي تهم ميادين التعميم والجودة والحق في التربية والتكوين، والبرامج والمناهج والتكوينات والفاعلين التربويين، وحكامة المنظومة، والقطاع الخاص للتربية والتكوين، والبحث العلمي والابتكار والتميز وولوج مجتمع المعرفة، والأدوار الاجتماعية والثقافية والقيمية للمدرسة وعلاقتها بالمحيط، ومنهجية الإصلاح التربوي، علاوة على قضايا وموضوعات ذات بعد جهوي ومحلي.
وأوضحت أنه يمكن حل مشاكل المنظومة إذا سرنا معا في نفس الاتجاه، واعتمدنا بعضنا البعض على مجهوداتنا الذاتية، مستلهمة في ذلك مثال الطيور المهاجرة التي تسير في نفس الاتجاه باعتماد طاقات بعضها البعض، ومضيفة أنه، في إطار تصور متكامل ومتفق عليه، يمكن أن نصل إلى ما نريده، أي مدرسة الغد، مدرسة أطفالنا، التي هي المدرسة الوطنية والمواطنة.
وأثناء المناقشة، تدخل الحضور لطرح تساؤلات واستفسارات، وتقديم ملاحظات واقتراحات، تهم الرقي بأوضاع التربية والتكوين والبحث العلمي على صعيد الوطن. إثر ذلك، قدم السيد الميداوي، عضو المجلس ومنشط اللقاء، أهم الخلاصات المنبثقة عنه، مشيرا أن هناك تشخيصا عميقا، حرفيا ومسؤولا لمشاكل المنظومة، وأن كل التدخلات كانت لها إرادة قوية للإصلاح، وهذا من بين الأهداف الرئيسية لهذه الزيارات الجهوية.
كما سجل، بكل اعتزاز، أنه كانت هناك اقتراحات وافرة وكثيرة ومركزة تتميز بنبرة واقعية، وغير متشائمة، مبرزا أن أي مجتمع لا يتقدم لوحده، وإنما بفضل قاطرة من عيار الحضور الكريم، وموجها عبارات التحية والشكر والامتنان لكل من ساهم، من قريب أو بعيد، في إنجاح هذا اللقاء.
وفي الختام، تناول الكلمة، مرة أخرى، السيد يتيم مشيرا أنه هو وباقي أعضاء المجلس الحاضرين ليسوا مدبرين، وإنما لهم وظيفة استشارية ويتوفرون عل قوة اقتراحية، وأن هذا اللقاء التشاوري لن يكون، كما يقال، بيضة الديك، لأن هذا المسار لا يرتبط بهذه المرحلة، ولأن عمل المجلس عمل متواصل لن يقف عند إصدار التقرير الإستراتيجي، بل سيطلب منه إبداء آراء وإعداد دراسات، وسينتقل من التشخيص العام والتوقع الإستراتيجي إلى قضايا دقيقة وربما صعبة وشائكة، وستكون هناك صيغ أخرى للتشاور والتفاعل، ومضيفا أن الجميع يتوفر على نية الإصلاح، وأننا، بدون شك، نعرف طريقنا ومن نحن وأين نسير.
وحضر أشغال هذا اللقاء السيد أحمد بن الزي، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش تانسيفت الحوز، والسادة نواب الوزارة بالجهة، وعدد من المسؤولين الإداريين الآخرين، والمنتخبين والفاعلين والمتدخلين، والمعنيين بقضايا التربية والتكوين والبحث العلمي، إضافة إلى مختلف ممثلي الطيف الإعلامي الوطني والجهوي.
عبد الرزاق القاروني